إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
shape
محاضرة عن القرآن والسنة
8734 مشاهدة print word pdf
line-top
تعلم السنة واجب على كل مسلم


فالاهتمام أيضا بتعلم السنة من واجب المسلم بأن يحرص على أن يحفظ ما يقدر عليه من الأحاديث القولية أو الأحاديث الفعلية، الأحاديث الصحيحة التي اهتم بها علماء الأمة من صدر هذه الأمة وكذلك من بعدهم أرشدوا الأمة إلى ما تدل عليه، لا شك أن هذا دليل على فضل هذه السنة حيث أولوها هذه العناية، فكذلك على المسلم أن يهتم بها فإن قدر على أن يحفظ منها ما تيسر من الأحاديث الصحيحة فعل ذلك، وإذا لم يقدر حرص على أن يتعلمها من الكتب يكثر من تلاوتها ويكثر من قراءتها حتى يستحضرها، كذلك أيضا يحرص على أن يطبقها.
يجد العلماء قد شرحوها وتوسعوا في شرحها وبينوا ما تدل عليه وبينوا ما فيها من الأحكام، بينوا الأحكام التي تستنبط منها، لا شك أن ذلك كله دليل على اهتمام علماء الأمة بدين الإسلام وحرصهم على أن يكون الإسلام كاملا، يعمل به المتأخرون كما يعمل به المتقدمون.
الذين أعرضوا عن السنة يعتبرون أيضا قد أعرضوا عن نصف الشريعة ولم يهتموا بها، وقد ذم الصحابة -رضي الله عنهم- الخوارج الذين لم يعملوا بالسنة وأكبوا على العمل بالقرآن؛ فبينوا لهم أن هذا من ترك ما أوجب الله -تعالى- عليكم فكما أن الله أوجب عليكم أن تعملوا بالشريعة فإن الشريعة الإسلامية مأخوذة من الكتاب والسنة.
لما أن بعض التابعين، قالوا: لا نعمل إلا بالقرآن سألهم بعض الصحابة هل تجدون في القرآن أن صلاة الظهر أربع ركعات؟ من أين أخذ ذلك إلا من السنة، هل تجدون أن صلاة المغرب ثلاث ركعات والفجر ركعتان؟ من أين أخذ ذلك إلا من السنة، هل تجدون مقادير الزكوات أنها تجب في كذا وكذا من أين أخذ ذلك إلا من السنة النبوية؟، وهكذا أيضا تفاصيل المحرمات وتفاصيل الواجبات، فهذا هو الذي يحمل المسلم على أن يهتم بكتاب الله تعالى ويهتم بالسنة؛ فإن السنة تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه وما بينه النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو مما أوحاه الله تعالى عليه.
فالواجب علينا أن نهتم بذلك وأن نطبقها ونعمل بها، ونرد على من يعرض عنها الذين –مثلا- إذا ذكرت لهم حديثا وقد وقعوا في مخالفته؛ حديثا -مثلا- في حلق اللحى أو حديثا في إسبال الثياب أو حديثا في النهي عن بعض المحرمات، يقولون: هذا قد تركه الناس أو قد خالفوه أو ما أشبه ذلك، لا شك أن هذا دليل على أنهم يدخلون فيمن يقول: نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا وكذلك أيضا ذم الله -تعالى- الذين يخفون شيئا مما أوحاه الله أوحى الله تعالى إلى نبيه ويقدمون عليه شهواتهم أو يقدمون عليه أعمالهم أو ما أشبه ذلك أو يلتمسون رضا الناس، يلتمسون رضا جماهير الناس، فكثير من العلماء عندهم علم ولم يعملوا به فيشابهون اليهود الذين ذمهم الله وسماهم مغضوبا عليهم، فالذين لا يعملون بالآيات والأحاديث داخلون فيمن يكتمها قال الله -تعالى- إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ لماذا؟ لأنهم اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا؛ آيات الله يعني: كلامه الذي أنزله عليهم اشتروا به ثمنا قليلا، ما هو ذلك الثمن الذي اشتروه به؟ هو أنهم قدموا مصالحهم وقدموا أعمالهم وقدموا رضا الناس على رضا الله -سبحانه وتعالى-.
فإذا رأيت الذي يفتي بخلاف ما أنزل الله -تعالى- يحل الحرام ويحرم الحلال أو يرخص في كثير من المعاصي ويتأول الآيات التي تحرمها؛ فاعلم أنه داخل في الذين ذمهم الله -تعالى- بقوله: اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ وفي هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ذلك بأنه يلتمس رضا الناس بسخط الله يدخل في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- من التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس .
فهكذا يكون المؤمن حريصا على أن يطبق القرآن بكل ما يستطيعه ويسير على نهج النبي -صلى الله عليه وسلم- ويتبع السنة النبوية ويتبع القرآن؛ يجتهد في حفظه أو حفظ ما تيسر منه ؛حيث يسر الله حفظه ويسر تداوله، بدل ما كنا قبل ستين أو سبعين سنة لا يوجد من المصاحف إلا الشيء القليل، أصبحت والحمد لله في متناول كل إنسان يوجد في المساجد الكثير والكثير الزائد عن حاجتها والتي يتوفر بسببها أو يتيسر بسببها عكوف المسلم على كتاب الله -تعالى- .
فنحث على الاهتمام بكتاب الله وعلى الإقبال عليه والاجتهاد فيه، وعلى الاستماع لقراءته مهما تيسر، فقد كان آباؤنا ومشائخنا يحكون اهتمام سلفهم بالقرآن بحيث إنهم كانوا يجتمعون في المساجد يقرءوه ويتدبروه أو يجتمعون في بيوت أحدهم يقرءون كل ليلة جزءا أو جزءين أو ثلاثة أجزاء قراءة مجودة، قراءة مرتلة، يحتسبون الأجر في حفظه؛ لأنه ورد في حفظه ما يدل على فضل حامله كما ذكرنا إشارة إلى ذلك، وكذلك أيضا احتساب الأجر في قراءته، وأن كل قراءة فيها أجر حتى ورد في الحديث أنه يقال لقارئ القرآن يوم القيامة: اقرأ وارق في درج الجنة، ورتل كما كنت ترتل؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها، فلا يزال يصعد في درج الجنة ما دام يقرأ هذًّا كان أو ترتيلا والأدلة على ذلك كثيرة.
ونتوقف هاهنا لعرض بعض الأسئلة التي تناسب المقال والله أعلم وصلى الله على محمد
شكر الله لفضيلتكم هذه الكلمات، وأسأل الله -عز وجل- أن يجزيكم جزاء الدعاة إلى الله -سبحانه وتعالى- .... بمنه وكرمه.
فضيلة الشيخ ورد كثير من الأسئلة موسومة بإنها تحبك في الله، وأخرى بالشكر لك على تلبية الزيارة لهذه المنطقة.
س: يقول السائل: إنه يصاب بكثير من الوسوسة في الصلاة فهل يجوز له أن يتذكر أثناء صلاته الجنة والنار والقبر ونحو ذلك ليطرد وسوسة الشيطان وهل يجوز له التذكر في الصلاة؟
أولا: نرجو -إن شاء الله- أن نكون جميعا من المتحابين في الله، والمتباذلين في الله والمتزاورين في الله؛ وذلك لأن هذا واجب كل مؤمن أن يحب إخوته المسلمين محبة لله -تعالى- وفي الله.
وثانيا: ليس هناك والحمد لله مشقة في الأسفار والزيارة حيث تيسرت السبل وقربت المسافات؛ فلا مشقة في هذه الزيارة ورأيناها من حق الإخوة إجابة دعوتهم، وتحقيق رغبتهم.
وثالثا: بالنسبة إلى هذا السائل نقول: إن كلنا كذلك -يعني: يتسلط السهو والوسوسة علينا في صلاتنا- ذكر عن عامر بن سعد أنه قال لأبيه سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أرأيت قول الله -تعالى- الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ أينا لا يسهو؟ أينا لا يحدث نفسه؟ فبين له أبوه أن السهو في هذه الآية تأخيرها عن وقتها، ولأجل كثرة السهو شرع سجود السهو فإن الإمام قد يزيد في صلاته وقد ينقص منها بسبب أنه يعرض له وسوسة وسهو وحديث نفس؛ فلذلك عليه أن يسجد للسهو إذا حصل منه تغيير لهيئة الصلاة.
رابعا: نرشد المسلم الذي يريد أن يقبل على صلاته أن يتعقل ما يقوله وما يفعله، فيعرض كل كلمة على قلبه ويجعلها شاغلة له عن غيرها من الأوهام والوساوس والتخيلات، فإذا قرأ الفاتحة –مثلا- أحضر قلبه لمعنى كل كلمة تمر به يحضر كلمة الحمد وكلمة الرب وكلمة العالمين وكلمة الرحمن الرحيم وكلمة الهداية اهدنا إلى آخرها ينطق بها لسانه ويعقلها قلبه، وهكذا أيضا إذا قرأ السورة بعدها تعقلها وتقبلها، وهكذا أيضا إذا قرأ الذكر في الركوع وفي السجود حرص على أن يحضر قلبه لمعنى التسبيح ولمعنى الرب ولمعنى العظيم، وكذلك أيضا التكبير والاستفتاح والأذكار كلها، فإذا أحضر قلبه لمعاني هذه الأذكار فلعله يكون ذلك سببا في الإقبال على الصلاة وعدم السهو فيها.
س: سائل يسأل عن صفة صلاة قيام الليل وهل القراءة فيها سرا أم جهرا؟
صلاة قيام الليل أن يسلم من كل ركعتين في الحديث: صلاة الليل مثنى مثنى كلما صلى ركعتين سلم، والقراءة فيها إذا كان عنده أحد يتأذى به فإنه يسر، والأصل أن المنفرد يسر بالقراءة لكن إن رأى أن الجهر أنشط له فله أن يجهر؛ كما ذكر أن أبا بكر -رضي الله عنه- كان يسر بالقرآن في قراءته في الليل ويقول: أسمع نفسي وأناجي ربي، وعمر -رضي الله عنه- كان يجهر بالقرآن في قيام الليل ويقول: أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان فنزل قوله تعالى: وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا فأمر أبو بكر أن يجهر قليلا وعمر أن يسر قليلا؛ لقوله: وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ومع ذلك إذا كان هناك من يستمع لك و.. فإنك تسمعهم، وإذا كان هناك من يتأذى بقراءتك كالنائمين والقارئين فإنك تسر. نعم.
س: كثر السؤال حول البنوك الذين يقرضون لشراء سيارة مقابل تحويل الراتب عليهم.
لا بأس إذا كانت السيارة في ملكهم، لا يبيعون السيارة إلا بعد أن يملكوها ثم إذا ملكوها تشتريها منهم بمؤجل أقساط يقبضونها من مرتبك ويحيلون مرتبك عليهم إلى أن يستوفوا ثمن السيارة المقسط فلا بأس، وهذا الشرط قد يكون أيضا فيه مصلحة يعني: تقريب مرتبك حتى تأخذه منهم بدون تكلفة وإذا كان فيه شيء من المشقة عند ذلك تغتفر.

line-bottom